الاثنين، 2 يوليو 2018

منقول ؛ الجزء السـابـِع والأخير من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy


(7)


المحاور: الناس المصابون بالسكر منذ خمس سنوات يقولون: "لمدة س من السنوات وأنا مصاب، وقد قيل لي منذ اليوم الأول للاصابة سيكون هناك علاج خلال خمسة أعوام. والآن بعد 40 عاما لم يحصل شيء!" هل لك أن تتحدثي قليلا عن هذا الموضوع—اعتقد أن الناس من غير العلماء أو لا علاقة لهم بالمختبرات بحاجة لمعرفة كيف تطور العلم خلال تلك الفترة. فكيف تطورت الاجهزة وكذلك قدرتنا على تفحص الخلايا وفهم الآليات. فماذا ستقولين لمثل هؤلاء؟ 

دنيس فوستمان: إن سبب اختياري موضوع رسالتي للدكتوراة هو شخص اسمه بول ليسي، وقد استطاع أن يستخلص Islets من بنكرياس جرذ. عندها قلت: "يا إلهي، سنحصل على العلاج للبشر سريعا" (ضحك). والجميع اندهشوا قائلين "واووو، لن يستغرق الحال اكثر من عام ونستخلص الـIslets من الانسان، وتحتاج فقط إلى زراعتها في مصاب". وفي دعم مقولة الناس المتسائلين، اقول أنه حتى وأنا عالمة في تطور مستمر، هناك اشياء تبدو واضحة وقابلة للتحقق. لكن البشر أحيانا لا ينظرون إلى الصورة كاملة حتى يفشلون مرة تلو أخرى ليدركوا حجم المشكلة ويدركوا تعقيد العملية البيولوجية. ودعما لما تساءل عنه الكثير، فإن ما قالوه صحيح، وأكثر من ذلك أقول أن هناك كثيرا من الدعاية غير الصادقة في ما يقال من أننا "سنشفي داء للسكر" رغم غياب المعلومات. والسؤال هو: "اين المعلومات؟" فلو وقف الناس على المنصة وقالوا "لدينا خلية سرية ستشفي السكر،" فإنك ستتأنى وتسأل: "جميل، أين المعلومات؟"

وبدون المعلومات بامكانك ان تجمع الكثير من المال (من الدعم البحثي أو التبرعات). لكن حالما تتوفر لديك المعلومات، يصبح من الصعب جمع المال لان الناس (المختصين) سيهاجمون معلوماتك. ولحسن حظنا، لقد تجاوزنا مرحلة السبع سنوات من قول الناس "المرحلة النهائية في الفئران المصابة لا يمكن شفاؤها." لأنها شفيت، (ولدينا المعلومات). سبع مراكز دولية لديها الآن فئران سعيدة. والآن كيف لنا ان ننتقل بكل حرص إلى البشر، وبنكنا المعلوماتي أكثر اكتمالا من الكثير من البنوك المعلوماتية، لأن لدينا آلية تدوين صارمة. فهذه تجربة تقوم على الآلية الروتينية في التدوين المعلوماتي. فهي لا تشبه شيئا من "أوه، لقد وجدنا شيئا فاعل في الفئران." الآن سبعة مراكز بحثية تقول أن عمليتنا ناجحة على الفئران.

فنحن نعلم أن البشر لديهم نفس خلايا الدم البيضاء التي درسناها لمدة سبعة أعوام، وهي أيضا تستجيب للعقار وللعينة النسيجية. ولم يمتلك امرء مثل هذه المعلومات من قبل. وبما أن المعلومات تتطور، فالحقيقة هي ان الخلايا تستمر بالانقسام سواء كانت خلايا الدماغ أو الرئة. ولا نعلم إلى أي مدى ستستمر. لكننا نقول إذا لم نعالج الداء المناعي الاساسي فلن يكون هناك أمل لأي زراعة خلايا مهما كانت.

لذلك العلم اليوم مكلف جدا ماديا اكثر من أي لحظة سابقة في تاريخه. وهو أيضا في مرحلة محافظة حيث لا يرغب أحد في اجراء التجارب المهمة التي من شأنها أن تغير المرض لأن مثل ذلك ينطوي على مخاطر. فأعتقد أنه ما أن تحصل على تراكم معلوماتي وتشعر أن هناك طرقا مختصرة للتحرك معتمدا على مركبات دوائية رخيصة، عليك أن تفعل بالتأكيد.

المحاور: هل هناك بعض—مشاكل انحيازية تتعلق بكيفية دعمنا للبحث؟ لأنه يبدو...

دنيس فوستمان: معظم الباحثين في المرحلة التي أنا عندها يحصلون على التمويل من شركات الصيدلة التي تجري التجارب. أعني، هذا يكلف الكثير من المال فيكف تجلس هنا وتقول "أنك تحتاج إلى جمع المال." في العادة يأتيك شخص ما بمركب عقاري ويقول يا دكتور فلان عندي هذا العقار ألا تريد تجريبه على المرحلة الاولى، الثانية، الثالثة...؟" فتقول "ياإلهي، انظر الى كل هذا الدعم لو اجريت هذه التجربة." فمن غير المألوف أن تجمع مالك من الداخل (داخل المؤسسات الدوائية) لتطوير دواء موجود. مثل هذا الامر هو ما نقوم به في المؤسسات الاكاديمية. ينبغي علينا أن نفكر في تكاليف العناية الصحية في هذه المرحلة من تطوير الأدوية بدلا من صب اهتمامنا على "كيف استطيع إجازة هذا الدواء." لأنك إذا استطعت إجازة هذه الأدوية التي ستغير تكاليف العناية بشخص مصاب بالسكر من 35 الف دولار إلى 75 الف دولار مع ملاحظة مستوى السكر المستمرة، ماذا تظن أنك فاعل وماذا تعتقد أنك مكتشف؟ 

أعتقد أننا نضع الأساس لمعيار جديد في زمن جديد في هذا البلد لنستطيع القول أننا مهتمون بتكاليف العناية الصحية أولا وليس آخرا، واعتقد أن الناس يصوتون بدولاراتهم لما يريدون تطويره. فالامر لم يعد "أي نوع من الدواء الجديد يستطيع المرؤ أن يطوره"، بل أصبح "هل نستطيع إيجاده، وهل يستخدمه الكثير من الناس المرضى، وليس مقصورا على النخبة القليلة ذات الامتياز، ويكون متاحا للجميع؟" أعتقد أن هذا مهم جدا، وهو ما ينبغي لنا التفكير فيه أولا حتى في المؤسسة الأكاديمية.

المحاور: حسنا، هناك الملايين والملايين من الناس، ولربما حتى جمعية الفئران المصابة بالسكر متحمسين للعمل الذي تقومين به.

دنيس فوستمان: إن العمل على هذا الأمر ممتع، والحقوق في هذا البحث يستحقها السيد أياكوكا، والناس يصوتون بأموالهم، أليس كذلك؟ وعندما كنا نرسم خارطة هذه المسارب على مدى الاثنتي عشر سنة الماضية، كنت ذات مرة معه في اجتماع لهئية المؤسسة وسألني سؤلا بسيطا: وانت تعلم أنني كنت قد عملت في الحقل لمدة طويلة، فسألني "يا دنيس متى ستشفين مرض السكر؟" فقلت في نفسي "يا إلهي، هذا الشخص لا يفهم كيف يتم الأمر في هذا المجال." (ضحك). فهو لعله لا يدرك أنني لا أستطيع أن أمضي بهذين الدوائين الذين عملنا عليهما وأعطيهما ببساطة للفار المصاب بالسكر. فمن هو الباحث المعتوه في مرحلة ما بعد الدكتوراة ويحترم نفسه يمضي خمسة أعوام من مهنته يذهب سبعة أيام في الأسبوع ليتفحص سكر الدم لشيء لم يجربه أحد من قبله أبدا؟

إن والدي هذا الباحث سيذبحانه. فهو لن يحصل على وظيفة لمدة خمسة أعوام، وسيتكبد الكثير من الديون الطلابية، ومع ذلك ليس له وظيفة لخمسة أعوام. فلو بدأت تدرك كيف يتم البحث، سترى أنه يركز على جزئية صغيرة جدا، ويتخذ خطوات آمنة حيث لا يتغير شيء فيما هو متعارف عليه في الحقل (paradigms) لان ذلك لا يشوش على عملك، فالجميع يعملون على نفس المتعارف عليه، والكل سعيد، ويتعشون في المطاعم بعد اجتماعهم.

لكن الأمر يتطلب مطاولة وجهد لتقول: "اعتقد أن المتعارف عليه في الحقل غير صحيح. ولدي رؤية هاهنا، وأنا على استعداد أن أراهن عليها بوظيفتي." لذلك فالقلة القليلة على استعداد لفعل ذلك. قلة من الناس هم المستعدون للوصول إلى معلومات مثيرة من شأنها أن تعكس حال السكر عند مرحلته النهائية، ثم يتحمل صفعات النقاد لمدة سبعة أو ثمانية أعوام.

إن جمال هذا العمل يكمن في أننا نتقدم نحو تجربته على الإنسان. فنحن في المرحلة الأولى من التجربة على الإنسان. وهذا أمر يخالف التجريب الآمن الذي يقتضي أن تقول: "يا ناس، نحتاج من 5إلى6 سنوات للعمل على الفئران." فهذا يكون أكثر آمانا، ويضمن لك وظيفة، ويضمن نشر أبحاثك في مرحلة ما بعد الدكتوراة. لكن التجريب غير الآمن الذي قد ينتج تغيرا كبيرا، وهو غير آمن علميا ووظيفيا، هو أن تنتقل إلى التجريب على البشر. فلتقل "إنني أومن به جدا، وأنا على استعداد أن أجرب على البشر."

المحاور: حسنا: لسوف تكتشفين بالتأكيد ما إذا كنت محقة أم مخطئة.

دنيس فوستمان: صحيح، لكن تدري؟ أنا بالتأكيد مخطئة 100% إذا لم أجربه على الإنسان.

(انتهت المقابلة)

منقول ؛ الجزء السـادس من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy

(6)

الرجل1: أيام عشرينيات القرن الماضي استطاع بانتنغ وبست من استخلاص بعض خلايا البنكرياس، وجاءوا بهذا الخليط العكر، ثم ذهبوا به للطفل مهما كانت مرحلته العمرية، يعطونه الحقنة، وهوب بدأ الطفل يشعر بنوع من التحسن. وهكذا ثبتت فعاليته مع مرور الزمن. كان ذلك في العشرينيات، فلم يكن عليهم القلق من هيئة الغذاء والدواء.

دنيس فوستمان: ولنفترض أننا فعلنا ذلك، هل تعتقد أن أحدا سيصدقنا؟ (ضحك) لذلك عندما يسألنا امرؤ لماذا يتوجب علينا الانصياع لهيئة الغذاء والدواء، ولماذا علينا فعل هذا وذاك، فالجواب هو لأننا نريد أن تحقق هذه التجربة أعلى معايير الموثوقية لتمضي قدما. أعلى المعايير على الاطلاق. لأنك ما ان تصرح بأن شخصا استعاد الانسولين، أعني ينبغي لك أن تكون متأكدا، مرة وثانية وثالثة (هي تستعمل التجارب العمياء، يعني مهما اجريت العملية تحصل على النتائج التي لا يراها الغير) على طول الخط.

الرجل 1: رأيت تعليقا مثيرا. أحدهم قال: "كيف لك أن تتأكدي من أن التجارب تبقى خفية (عمياء) رغم ما تفعلينه هنا.

دنيس فوستمان: هاها، تضع عليها لصقة جروح (Band-aid) لكي لا يراها الأطباء

الرجل 1: ولا حتى المريض؟

دنيس فوستمان: حسنا، المريض قد يعرف. كل البشر لديهم الذكاء الكافي. ولذلك الأنترنت ستعرف ما إذا حصلوا على الترياق أو الدواء رغم أن استجابة المناعة ستختلف. لكن الأطباء الذين يعتنون بالمرضى لن يعرفوا.

الرجل 1: خيرا، هذا هو المهم.

دنيس فوستمان: نعم، المهم ان الطبيب المعالج لن يعرف. 

الرجل 1: طيب، كويس.

دنيس فوستمان: إن معلومات الفأر الذي نجرب عليه كأساس للتجربة أكدتها سبعة مختبرات عالمية— نفس النتائج!

فأنت الآن قد حددت المسار (pathway) ليس فقط في داء السكري بل في عدة أمراض مثل: (lupus, Crohn’s, Sjogrens, scleroderma). والناس تسأل: لماذا لا تتقدمون بشكل اسرع؟" أعتقد أن السبب يعود إلى أنك لا تستطيع أبدا معرفة ناتج التجربة. لكن ذلك يقتضي أن نختبرها سريعا لكي نتقدم. طيب؟ لربما بسرعة أكثر مما نحن فاعلون، لأنه كما تعلم يتوجب علينا جمع المال لهذه التجربة.

المحاور: كم تحتاجين من المال لتنطلقي باقصى سرعة؟

دنيس فوستمان: حسنا، لقد جمعنا كل المال الذي تحتاجه المرحلة الاولى بمساعدة من مؤسسة أياكوكا ومستشفى ماستشيوست العام، وما زلنا نتحرك ضمن المرحلة الاولى. لكن بعد اثني عشر شهرا يتوجب علينا الشروع بجمع تمويل المرحلة الثانية. والمدهش في هذا البرنامج أن الجمهور (عامة الناس) هم الذين يدعمونه، فهو ممول بالكامل من الناس، فلن يغلق أو يوقف بحجة أنه ينافس سيرنجات الأنسولين اختبارات السكر في الدم، او عقار أعصاب آخر. لن يغلق هذا البرنامج إلا أذا عجزنا عن جمع المال للاستمرار قدما. لكنه ممول بالكامل من الناس والناس تدرك الحاجة الهائلة لعمل شيء للمصابين بالسكر، ولم يقدم أحد من قبل على التجارب على هذه العينة من المصابين.

كما لم يسبق أن وجدت المعلومات الحيوانية الهائلة والمتغايرة جدا التي تثبت أن المشروع فعال على الحيوانات في مرحلة مرضها النهائية. ولهذا من المفترض أن يمضي المشروع قدما. لا تستطيع أن تعد الناس بالنتائج، ولهذا نحن نجري التجربة. ولعلها احد أكثر التجارب روتينية (آلية) التي استهدفت حقل مرض السكر منذ سنوات بل عقود.

الرجل 2: أتعلمين؟ أعتقد أن تلك كانت— أعني، أعتقد أنني قلت لك ذلك من قبل: عندما تعرفت أول مرة على عملك كان ذلك عام 2003، وفي ذلك الوقت كان الكثير من الناس يستهجنونه بازدراء.

دنيس فوستمان: صحيح، صحيح. مقولة ان البنكرياس لا تعود للعمل.

الرجل 2: نعم، وكنت أتذكر أنني اقرأ مقالات الصحافة وانتهي بالدموع، وفي تلك المرحلة كان قد مضى على تشخيصي بالسكر 30 عاما. وكنت عندها أول مرة أقول في نفسي: "هاها، هاهنا شيء مهم— هذا منطقي، هذا علميا منطقي."

دنيس فوستمان: نعم، نعم، نعم!

الرجل2: لكن في الوقت نفسه، لا أعتقد أنني الوحيد في قول: "انني مستعد أن ابذل قصارى جهدي في جمع التبرعات، وإذا لم تثمر الجهود، حسنا، نكون قد بذلنا أفضل الجهود."

دنيس فوستمان: نعم، فماذا هناك يمكننا تجربته؟ أعني ما هي البروتوكولات التي تراها متوفره وتتقدم ولها هذا البنك المعلوماتي الهائل؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل.

الرجل 2: أوتدرين؟ حتى لو لم تحل المشكل، فستكون خطوة، حجر أساس هائلة.

دنيس فوستمان: أعني، ماذا سيحصل لو أننا انتهينا إلى تحديد فترات مفصلية (intervals) حيث استعادت البنكرياس نصف عملها عند نصف العينة؟ حسنا هذا يعني انك لن تصاب بانخفاض مفرط للسكر.

امرأة: نعم، اقبل التعايش مع مثل هذا الوضع (ضحك).

دنيس فوستمان: لا نعرف النتيجة حتى نصل إليها؛ لكننا نعرف جيدا أن البشر(المصابين بالسكر) لديهم نفس العيوب. ونعلم أن لدينا هذا العقار الرخيص لنمضي قدما. لا ندري إن كنا سنستطيع تحديد الفترات المفصلية. أعني، انظر الى الانسولين، فانت لا تستطيع تحديدها (ضحك) حتى بعد 80 أو 90 عاما. لا زلت لا تستطيع تحديد هذه الفترات. لذلك فعملية قياس الجرعات الدوائية عملية معقدة وليست سهلة، لكن العملية يجب أن تمضي قدما وبشكل شرس ويجب أن نجربها.

الرجل2: لكن لو جاءك شخص ما، ولنقل أنني كنت مليونيرا، وجئت اليوم وقلت: "كم من المال تحتاجين لتمويل المرحلة الثانية بالكامل؟"

دنيس فوستمان: حوالي 25 مليون دولار، وهذا رخيص بمفهوم صناعة الأدوية. عليك أن تتذكر أن حجم العينة هي جرعة علاجية لكل مرحلة مصاب سكري، وستكون صغيرة، ونستطيع المضي سريعا. أما الجزء المكلف فهو فحوصات الدم، فالتجربة ليست كما لو انك حصلت على كمية دم واضفت لها المحاليل الخاصة لتثبت أنها تحول دون امراض القلب أو شيء من هذا القبيل.

المحاور: هذا يقتضي كثيرا من الوقت والجهد.

دنيس فوستمان: انه الوقت والجهد، لكن العقار سيكون متاحا سريعا إذا استطعنا المضي به قدما، والشخص الذي تبرع يوم أمس بالدم ليساعدنا على تحديد المحددات/العلامات الحيوية قد استفاد هو بدوره من الناس الذين جاؤوا قبله بست سنوات، والآخر الذي سيأتي في اليوم التالي سيستفيد من هذه المعلومات، والشخص الذي سيأتي يوم الجمعة سيستفيد ممن سبقوه. لذلك الكل مشارك عند مستوى معين إن كان لهم دور فيه: أنا اسميها تجربة ديمقراطية.

منقول ؛ الجزء الخامس من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy

منقول ؛ الجزء 5 من الترجمة [ مني إليكم هدية: الدكتورة دنيس فوستمان (Denise Faustman)

https://www.dmeducation.com/vb/showthread.php?t=17701&p=212572#post212572

(5)

المحاور: الآن أليس هناك إمكانية أن فعاليته قد تكون أقل مما ينبغي، ولو قليلا، ومن ثم ستحتاجين إلى دواء محدد التوجية؟ أم أنك تعتقدين أن ....

دنيس فوستمان: هذا سؤال ممتاز، إنه يماثل انسولين الخنزير (الأنسولين في بداية اكتشافه)، وكيف أنه انقذ الكثير من البشر. إلا أن الباحثين طوروه إلى أنسولين أفضل وأكثر فعالية. انظر إلى الحقل على مدى الخمسين عاما الماضية: فقد صنع الناس أنسولين أفضل، واجهزة مسح أفضل، وأكثر حداثة — إذن بالتأكيد نعم

المحاور: دعينا نعود لبرهة إلى خلايا الـT السيئة.

دنيس فوستمان: نعم نعم

المحاور: طيب، إذن عقار التطعيم BCG يأتي هنا. فهل هو مؤقت، يعني شيئا يتوجب عليك حقنه باستمرار ليبقى جهازك المناعي سليما دائما؟

دنيس فوستمان: عليك أن تتذكر أن تجاربنا على الفأر والتي نشرناها أظهرت أن الأمر اقتضى العلاج لمرة واحدة فقط وأشفى المرض. لكن ذالك كان بدوائين وليس واحد. فالدواء الأول استهدف خلايا T القاتلة التي التحمت بالـIslets، وأما الثاني فاستهدف خلايا T المنشأية (precursor) التي خرجت لتوها من مخ العظم. وليس لدينا حاليا عقارا نضيفه إلى عقار الـ BCG من شأنه أن يستهدف الخلايا المنشأية هذه. ولذلك فإن أحد البرامج العلمية التي شرعنا فيها في المختبر هي تحديد الأدوية الأساسية التي قد تساعدنا في هذا المسار، بمعنى هل نستطيع استحداث المفهوم الأساسي لجمهور الخلايا السيئة؟ لطالما نتوق إلى صناعة عقار جديد، لكن أحدا بعد لم يأت عبر الباب ومعه بليون دولار. نحن ننتظر، لكن لم يأت أحد بعد. لذلك لو جاء أحدهم فسنكون سعداء بصناعة المركب، ليكون العلاج علاج نهائي من مرة واحدة! لكنهم لم يعبروا الباب بعد، ولسوف نرى!

المحاور: إذن ما هو السيناريو الأمثل لعلاج الخلية بعقار BCG؟

دنيس فوستمان: إنها نوع من العملية المرحلية التدريجية مما نحن بصدد تجريبه. فهي من أندر التجارب في العالم، تحاول أن تعكس مرض السكر في البشر الذين أصيبوا بهذا المرض (ضحك). أعني لو انك نظرت إلى التجارب الموجودة على الانترنت، فأشجع التجارب تمت على المصابين حديثا جدا (ضمن مدة اسابيع من التشخيص) ولتؤكد فقط انخفاض في معدل تلف الانسولين المفرز. فقط لتظهر تغيرا في الانحراف البياني، وليس إعادة العمل للبنكرياس بشكل ايجابي. فإذا استثنيت الزراعة التي تعكس مرحليا السكر باستخدام المثبطات المناعية، فلن تجد أحدا جرب علاج المناعة بذاته على البشر المصابين بالسكر. لهذا فالتجربة حقيقة فريدة، فنحن نختار أناس مصابين لتجريب عقار الـ BCG. ونحن نستخدم عقارا أسياسيا (generic) ونحن نحاول قتل خلايا T السيئة، ولذلك هناك فرصة أن تعود البنكرياس للعمل. إنها عملية متدرجة في إعطاء الدواء، مثبتة أنه يستثير الـTNF الذي يحتاجه مرضى السكر، ثم نقوم بكل تلك الفحوصات على الدم التي نقوم بها دائما والتي تسمع بها من الناس الذين يأتون إلى هنا لنثبت أن العقار يقتل خلية T السيئة، ونحدد النافذة التي من خلالها نزيل خلية T السيئة، ونراقب استعادة البنكرياس عملها. إنها عملية علاج موجهة جدا إلى البحث في أحجام معالجة صغيرة، مبنية على آلية محددة وعلى كل فحوصات الدم هذه. إن فحوصات الدم هي الجزء الحاسم من التجربة.

المحاور: طيب؛ لدينا طن من الناس يرسلون أسئلتهم والكثير منهم – يعني، طالما نحن نقول الحقيقة، سنسألك بضعة أسئلة لوجستية. أولا: هل لديك نية في توسيع موقع التجارب خارج مدينة بوسطن، أم أنها مستقرة في بوسطن؟

دنيس فوستمان: حاليا نحن هنا (في بوسطن) لأننا نملك من المال فقط ما يسمح بالتجربة هنا. لو جاءنا من يعطينا ملايين الدولارات لإقامة مراكز أخرى، فسيكون ذلك عظيما. فهذه ليست تجربة عادية، فالأجهزة التي طورناها لفحوصات الدم غير قابلة للنقل. ولأعطيك مثالا: إحدى الأجهزة الرئيسة الكبيرة التي صممناها لعزل الخلايا وتساعدنا على تمييز خلايا T السيئة نقلناها من أحد جوانب المختبر إلى جانبه الآخر— استغرتنا عملية إعادة دوزنتها تسعة أشهر. وكما تعلم فإن أكثر الناس الذين يأتون للفحوصات هنا يعانون من خلل في خلايا T تلك. فالأمر ليس كما هو في بعض الأمراض، ولنقل سرطان الثدي مثلا، حيث 2% لديهم جين نادر لكننا لا نعرف ما الأمر في 98%. وبهذا تدرك انه ينسحب على القلة فقط. أو هي ليست زراعة الـIslets حيث 1% أو 5% من العينة ستحصل على Islets التي ستنجح عندها الزراعة لمدة طويلة. نحن نعتقد أن أكثر مصابي السكر الأول وكذلك بعض الأنواع الفرعية منه يعانون أمراضا مناعية، ولديهم نفس العيوب (ليس كما هي الحال مع سرطان الثدي). ولذلك فإذا حققنا نافذة علاجية فإن تطبيقها سيكون واسعا. ولربما لن تحتاج لتكرار عمليات فحص الدم لكي تبدأ العلاج. ومن ثم قد نستطيع تعميم الطريقة في مراكز متعددة. لكن حاليا الآن نحن نقوم بالعمل في مركز واحد. فالعملية صعبة بما فيه الكفاية في مركز واحد (ضحك).

المحاور: الناس تسأل، وأنا أحيلهم إليك

الرجل1 يسأل: لكن من الآمن أن نقول، وقد تحدثنا في هذا في شهر يناير، إن الأمر مبكر جدا— فهو ليس مؤكدا أن أحدا في هذه التجربة سيخرج منها معافى.

دنيس فوستمان: نعم، أعني أن الأمر مبكر جدا. هذه هي مرحلة الأولى من التجربة، حيث نجرب فيها جرعات صغيرة جدا جدا (جدا جدا ليست خطأ مطبعي).

الرجل1: نحن نحاول التأكد فيما إذا حدث قليلا من التغير.

دنيس فوستمان: 90% من الأدوية توقف أثناء المرحلة الأولى بسبب سميتها. ونحن في المرحلة الأولى. الآن الكل يقول: "طيب، هذا غباء. لماذا أنت في المرحلة الأولى وعلى عقار مجرب من ثمانين عاما وبأربعة بلايين جرعة؟" حسنا، إذا طلبت منك هيئة الغذاء والدواء أن تجري المرحلة الأولى عليك أن تجريها، رغم أننا لا نتوقع أن نصادف أية سمية (من سم). ولسوف ننتقل إلى المرحلة الثانية بكل راحة.

المحاور: كم تتخيلين أن تدوم المرحلة الأولى؟

دنيس فوستمان: حوالي 12-18 شهرا.

المحاور: اثني عشر شهرا أخرى! وفي نهاية الـ12-18 شهرا تريدين أن تظهري أن العوامل المقصودة قد استثيرت وتريدين أن تري شيئا من استعادة البنكرياس لعملها؟

دنيس فوستمان: حسنا، ذاك سيكون معجزة باستخدام هذا المستوى من الجرعة. لكن ما نود أن نراه هو أن كل فحوصات الدم هذه تكشف لنا أن بعض كميات خلايا T السيئة قد اختفت — حتى لو ليوم واحد! عليك أن تتذكر أن أحدا لم يستطع أبدا أن يثبت أن خلايا T السيئة اختفت مع أية علاج، وأن أحدا لم يستطع أبدا اثبات اختفاء المضادات الحيوية الذاتية من خلال أي علاج للمناعة، وأن أحدا لم يستطع أبدا أن يحصل على استثارة ما يكفي من الـ TNF. كل تلك المتغيرات الأخرى لم يستطع أحد أبدا ابرازها بأي دواء عند المصابين بالسكر رقم واحد.

المحاور: إذن المرحلة الثانية ستكون مرحلة زيادة الجرعات لتري إن كان باستطاعتك....

دنيس فوستمان: المرحلة الثانية سيتم التخطيط لها فيما بعد، فنحن نحتاج المعلومات من المرحلة الأولى. ولسوف نراقب النوافذ. شوف، إذا كنت تجري تجربة نهايتها إعادة عمل البنكرياس، فينبغي أن تتابع آلاف المرضى وتعطي آلاف الجرعات. فأنت حقيقة تحتاج مراكز فارقة تمثيلية (surrogate) من الدم قبل ذلك فقط. ونحن أجرينا كل فحوصات الدم تلك لايجاد تلك المراكز الفارقة لكي نتمكن من معرفة تأثيرات تلك الجرعات الصغيرة التي أعطيت في المرحلة الأولى.

منقول ؛ الجزء الرابع من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy

(4)

(دنيس فوستمان تابع الاجابة السابقة)


تلك التجارب تطلبت كمية هائلة من الجهد. ونحن مدينون لكل من عمل بها لأنهم عملوا بشدة والتزام. فنحن نتحدث عن متابعة الحيوانات وعن تكاليف هذه الحيونات لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، إذ يأتي العاملون سبعة أيام في الاسبوع لفحص السكر، ولحقن الأنسولين مرتين في اليوم على مدار أسابيع وأسابيع. فالحال كانت أشبه ما تكون بعناية مركزة لهذا الفأر الصغير. ولعل هذا السبب أن أحدا لا يجري مثل هذه التجارب. لا أحد في كامل عقله سيتكبد مثل هذه التجارب، لأنك ملزم بالعناية بها على مدار الساعة سبعة أيام في الأسبوع. فالعمل هذا مكلف، والفأر يستغرق أربعة أشهر تقريبا ليصبح مصابا بالسكر، فهذه الفئران كانت في منتصف العمر وليست فتية، وبدا كما لو أن لا شيء ينفع معها.

المحاور: وهكذا كانت اكتشافا بالصدفة؟

دنيس فوستمان: في الواقع، لا أحبذ كلمة المصادفة. أنا أسمي هذا عمل جاد وشاق على مشروع موجه افضى بالتالي إلى اكتشاف طبيعي هو عودة البنكرياس للعمل (regeneration).

المحاور: حسنا، لقد كنت على الطريق الصحيح.

دنيس فوستمان: أنا أسمية علم حقيقي. لقد كنا نقوم بأكثر التجارب أهمية عند منتهى الأمر، وهذا أفضى إلى أن هذه الفئران الصغيرة حصلت على حياة سعيدة الآن، رغم أنها كانت قبل العملية في المرحلة النهائية (التي لا شفاء منها). فلقد أصبحت تلعب في القفص رغم كبر سنها. تلك المخلوقات كانت في سن الشيخوخة حسب سنين الفئران. بعد ذلك راجعنا لجنة العناية بالحيوان وطالبناهم باستئصال الكلية حيث توجد الـIslet، لنتأكد من أن السكر لن يرتفع. فقد كان العمل شاقا وعلى درجة من الخطورة أيضا. فكان بإمكاننا حقيقة أن ننهي التجربة مبكرا، وندون تقرير الأنسجة، ونثبت فقط أن الفئران اكتسبت الـIslets. غير أن ما أثبتته لنا هذه الحيوانات هو أنه حتى بعد  نزع الـIslets بقي مستوى سكرها عند الحد الطبيعي. ولذلك اكتشفنا أن البنكرياس عادت للعمل (regeneration). لم نكن لنصل إلى هذا الاكتشاف أبدا لو أننا لم نتابع الحيوانات لتلك المدة الطويلة، ولما كان باستطاعتنا أن نكمل الدائرة في الواقع ونقول: "طيب: خلونا نكون دقيقين جدا هنا ونجري التجربة النهائية، ونضع صورة جميلة للمخطوط."

المحاور: وهذا المخطوط نشرتموه في عام 2000 و...؟

دنيس فوستمان: وواحد، فقد نشرناه في عام 2001.

المحاور: طيب، ومن ثم، منذ ذلك الحين، على ماذا كان المختبر يعمل؟

دنيس فوستمان: حسنا، الأخبار السارة هي إذا كان لديك فأرا مصابا بالسكر فلدينا العلاج (ضحك). أما الأخبار السارة الأخرى هي أن هنالك تقريبا ستة مراكز عبر العالم باستطاعتها اليوم أيضا أن تشفي الفئران المصابة بالسكر. فمجتمع الفئران السكري الآن مسرور جدا وعلى استعداد للعلاج (ضحك)

المحاور: نحن مدينين لك!

دنيس فوستمان: بعد سبعة أعوام أو ثمانية، لدينا الكثير من الفئران الصحية، لكننا نحاول فعل الشيء نفسه مع البشر. فيسعدنا جدا أن نرى الكثير من السكريين سعداء. ولذلك فالهدف النهائي فيما نقوم به الآن (طالما لم يبق لدينا الكثير من الفئران المصابة) هو أن ننقل هذا المفهوم إلى البشر. وهذا حيث نحن الآن.

الرجل 1 يسأل: بالنظر إلى الماضي، دواء BCG يبدوا عقارا مرشحا للعلاج لأنك استخدمتيه مسبقا في علاج الجهاز المناعي ولعدة أسباب أخرى. لكن هل هو واحد من مجموعة أدوية اخترتيها؟

دنيس فوستمان: حسنا، لقد استخدمنا BCG لأننا كنا نعلم أن الدواء الذي نحتاجه هو في الواقع شيء يسمى TNF. فنحن نريد هذا الـTNF. لكن عليك أن تتذكر أن تطوير دواء ما مكلف بشكل غير معقول. فمعدل تطوير دواء في الولايات المتحدة يكلف بليون دولار— بليون! ومع ذلك 90% منها تفشل. ومع هذه الخلفية: ها نحن هنا لدينا مسار جديد، وفكرة جديدة، ونرغب في صناعة عقار جديد!!!!

والحال أنك في البيئة الأكاديمية (فيما يتعلق بالبحث) لا تستطيع صناعة العقار، بل عليك أن تذهب إلى شركات الصيدلة الكبرى، وتطلب منهم أن يؤسسوا ما يسمى التصنيع الجيد المجاز من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية. هذا طبعا سيستغرق خمسة أعوام ويكلف عشرة ملايين دولار لتصنيع قارورة صغيرة واحدة لك أن تستخدمها فقط على مريض واحد. وهكذا فأنت بعد خمس إلى ست سنوات وبعد أن أحرقت عشر إلى اثني عشر مليون دولار، حتى هنا أنت لا تستطيع المضي إلى علاج البشر. ثم عليك أن تجرب العقار في دراسات على القرود أو الثديات، وتدون سجل السميات عليها من خلال عقار الـ TNF ذي المصنعية الجيدة المجازة. وبعد عشرة سنوات فأنت انفقت خمسة عشر مليون دولار على المشروع، حتى تستطيع أخيرا أن تجري التجارب على الأنسان! كل ذلك بدا لنا طريقا عسيرا للمضي فيه، كما كان هناك تشككا كبيرا في إمكانية شفاء السكر في الفيران التي وصلت المرحلة النهائية.

وحقيقة لم يصدقنا أحد، فمثل هذا لم يفعله أحد من قبل، دعك من أن البنكرياس ستعاود العمل (regenerate) (ضحك). فكان المستحيل هو أن تقول إن بالامكان شفاء السكر، والأدهي من ذلك أن تقول إن البنكرياس ستعاود العمل أيضا! وفي مثل هذه البيئة من التشكيك المستقر، فكرنا بـ "من سيدعمنا"؟ وأدركنا أن التكاليف ستكون بين خمسة عشر إلى ثمانية عشر مليون دولار حتى قبل أن نصل إلى إنسان إضافة إلى مدة عشرة أعوام. بدأنا بالبحث في الأدوية الموجودة التي من تأثيراتها الجانبية استثارة الـTNF. ولما بدأنا المسح بحثا عن تلك الأدوية، وجدنا واحدا معروفا جدا وسجله خال تماما من العيوب، يسمى BCG. ويتمتع بالإجازة المصنعية الجيدة!

المحاور: وبرخص التراب!

دنيس فوستمان: نعم رخيص، وله اجرائية تصنيع متأسسة، وتناوله البشر لأكثر من 80 عاما، والجرعات المتناولة تتجاوز الأربعة بلايين جرعة (4 بليون جرعة: ليس هناك دواء مجرب مثله). فكان هذا طريقنا الأسرع إلى الجمهور البشري. مرة أخرى: عليك أن تدرك أن شركات الصيدلة لن تدعم تجربة مثل هذه لأن لديك دواءا موجودا مسبقا. فالحال تشبه لو أنك تقول "الأسبرين يشفي أمراض القلب." فأي شركة ستدعم تلك الدراسة التي ستكلف بليون دولار لتثبت جرعة الأسبرين المناسبة لعلاج أمراض القلب؟

منقول ؛ الجزء الثالث من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy

(3)


المحاور: وما هو مسار موت الخلية؟

دنيس فوستمان: لو استطعت التفكير بأن الخلية كيان حي مستقل تتشبث بالحياة، فسوف تستطيع أن ترى أن للخلايا كل أنواع المسارب داخلها وتحاول البقاء دائما. لكن إذا كانت تعاني من عيب في طرق البقاء تلك، عندها تستطيع الاعتماد على هذا العيب وتصنع من ثم عقارا يستهدف هذا الخلل. وشيئا فشيئا أدركنا أن في النوع الأول من السكر في الأنسان، كما هي الحال في الفيران (بحكم أن المختبر يستطيع المقارنة دائما) أدركنا أن للخلايا نفس التكاثر العام والسمات. وعليه ابتدأنا البحث عن طرق لقتل تلك الخلايا، ومن ثم أجرينا التجارب على الفيران لنرى ما سيحدث!

المحاور: الآن، كيف حددتي— لديكي بروتين معين هنا، فكيف استطعتي أن تنخلي كل هذه المواد لتجدي شيئا من شأنه أن يهاجم ذلك البروتين المحدد!

دنيس فوستمان: لقد أجرينا ما يعرف بالمسح (screening)، أو المسح العقاري (الدوائي). فإذا عرفت المسار تستطيع أن تجد معلومات من أعمال أخرى— هناك أناس آخرون قد اشتغلوا على هذه المسارب لأسباب متعددة.

المحاور: طيب، وماذا انتهيت إليه والذي من شأنه أن يكون فعالا؟

دنيس فوستمان: استطعنا أن نتوصل إلى طريقتين لقتل الخلايا التي أردنا تجربتها على الفيران، وبالطبع نحن كنا نجرب هذه التجارب على الفيران، بعد 18 عاما، لنرى إن كان باستطاعتنا أخيرا زرع islet تحقق النجاح في فار وصل مرحلة نهائية من السكر (المرحلة النهائية هي المرحلة التي لا شفاء منها). وعليك أن تتذكر أنه لا توجد معلومات سابقة تؤكد أن مثل هذه الزراعة ستنجح على فار حقيقي مصاب بالسكر، وليس فار مختبري اكره كيميائيا على الاصابة بالسكر.

المحاور: أي تلك الفيران التجريبية حيث تزيلون منها البنكرياس

دنيس فوستمان: تلك التي تحقنها بمحلول كيميائي يقضي على خلاياها التي تفرز الانسولين. كنا بحاجة لما نسمية الفار مكوي الحقيقي، فار اصابه داء السكر من النوع الأول نتيجة مهاجمة جهازه المناعي للبنكرياسه، فار تماثل جيناته ما يحصل للانسان. فهناك نموذج الفار الذي نشير إليه بـ NOD (المصاب بالسكر ولا يعاني السمنة) وهو يماثل السكريين من النوع الأول. لم يستطع أحد أبدا أن ينجح بزرع islet لهذا النوع من الفيران. فالطريقة الوحيدة التي ستنجح هي أن تأخذ هذا الحيوان، وتخضعه لكميات هائلة من الاشعاع، وتستبدل مخ عظمه بمخ عظم جديد. لكن مثل هذه العملية تثبت أن السكر من النوع الأول مرض مناعي، لكنها لا تثبت ما يتوجب عليك فعله.

المحاور: وانتم، إلى ماذا وصلتوا؟

دنيس فوستمان: كان هدفنا أن نجعل هذه الحيوانات تحاكي (تكون ممثلة) للبشر الذين يعانون من داء السكر، ثم نزرع فيها الـ Islet، ثم نحقنها بنوعين من الأدوية، ثم نرى إن كنا وللمرة الأولى على الأطلاق قد نجحنا في الزراعة. لقد اكتشفنا شيئا لم يكن متوقعا أبدا في هذه الحيونات: ألا وهي حقيقة أننا لم نعد بحاجة إلى زراعة الـ Islet، لأننا ما أن قضينا على الداء بسبب العقار، بدأت البنكرياس نفسها بالعودة إلى العمل (regenerated)!!! فكانت هذه هي المفاجأة الكبرى!!!

الأحد، 1 يوليو 2018

منقول ؛ الجزء الثاني من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy

(2)

المحاور: إذن: هل الجسم دائما يصنع خلايا T سيئة؟ هل هناك نوع عملية عزلها لوحدها؟

دنيس فوستمان: كل شخص، بما فيه الأصحاء، يصنع خلايا T السيئة على مدار اليوم. لكن الأمر مثل خط من المصنعية كأن تصنع مليون سيارة لكن ما تبيعه هو الجيد منها فقط. فهذا يماثل كيف يعمل الجهاز المناعي. فهو يصنع مليون خلية T، وما يجب أن ينفذ منها هو فقط 1 أو 2%. إن نقطة الرقابة الصارمة هذه هي رقابة وحشية قاسية في الحقيقة. لكن المرء قد يحتاجها في واقع الأمر بسبب من طبيعته التطورية. فأنت لو ذهبت إلى أفريقيا ولدغتك ذبابة تسي تسي فإنك ستحتاج إلى مناعة ضد تلك الذبابة. إذن أنت تحتاج إلى التغاير المناعي على مدار عمرك. لكن إذا كان جهازك المناعي ليس بالمستوى المطلوب الذي يميز بدقة ذالك التغاير، فإنه بالخطأ يسمح بعبور بعض الخلايا السيئة إلى الأطراف.

المحاور: طيب، إذن عندنا بعض الخلايا السيئة الآن

دنيس فوستمان: نعم

المحاور: هل... أو كيف لك أن تخبري الجسد بأن لا يسمح عبور هذه السيئة أو كيف أيقافها عند نقطة ما إذا كان لك أن تعكسي مرض السكر ويتعافى المرء. كيف تستطيعين ايقاف هذه السيئة ومنعها من الوصول إلى خلايا الـIslet؟

دنيس فوستمان: نعم

المحاور: في أي جزء من البنكرياس ستبحثين حتى تحولي دون تحقق المرض.

دنيس فوستمان:  لعلك تعلم من قراءتك عن السكر، فإلى وقت قريب جدا اعتقد الناس أنك لا تستطيع أيقاف مد خلايا T السيئة من الخروج إلى الجسم. فاعتقد الناس أنه إذا استطعت تفحص الاطفال قبل الأصابة بالسكر فبإمكانك التدخل لمنع الخلايا السيئة من الخروج إلى الجسم. لكن ذلك ليس جوابا مقنعا للناس الذين يعانون هنا اليوم من داء السكر. والسبب، باعتقادي، في أن الناس اعتقدوا أنك لا تستطيع تحديد الخلايا السيئة أو أنك لا تستطيع فعل شيء حالما تصاب بالسكر، راجع إلى أنك حالما تأتي إلى العيادة مصابا تكون العملية المناعية في مرحلة متقدمة. وهذا هو الأمر في كل أمراض المناعة. فذات مرة جاءت إلى العيادة أمرأة في الخمسين مفاصلها متورمة جدا. لقد كانت تعاني من داء مناعي مزمن، يعني الجهاز المناعي مصاب (rheumatoid) قبل أن تأتي بعشرة سنوات.

والسكر مثل هذه الحالة. فأنت تأتي للمختص عندما تكون البنكرياس قد أصيبت ولا تعمل، وفي ذلك الوقت تكون العملية المناعية في مرحلة متقدمة، ويكون لديك الكثير من الخلايا المتغايرة السيئة (خلايا T). في تلك اللحظة لن يكون لديك المئات من الخلايا السيئة بل الآلاف أو ربما الملايين منها. فكيف لك أن تجد طريقة تصحح من خلالها هذه الخلايا؟ فالمفهوم السائد، وفي واقع الحال، في كل التجارب التاريخية تتحرك ضمن: "عليك تثبيط كامل الجهاز المناعي. لأنك لن تجد علامات مميزة تفرز لك للخلايا السيئة." وهذا هو السبب في أن كل التجارب حتى هذه اللحظة إما تستهدف مرحلة ما قبل السكر أو المشخصين حديثا من خلال عوامل مثبطة للجهاز المناعي، عوامل تقضي على الخلايا الحميدة والخبيثة معا.

المحاور: ولها الكثير من الأعراض الجانبية

دنيس فوستمان: ذاك صحيح. ففي حالة زراعة القلب، فإنك إن لم تحصل عليه، إذا كنت بحاجة قلب غدا، فإن مثبطات الجهاز المناعي تبدو خيارا جيدا، لأن لا خيار آخر لك. فإما المثبطات المناعية أو الموت. أما في حالة داء السكر فالمثبطات المناعية ليس نوع الحياة التي تريدها.

المحاور: فإذن أنت لن توقفي جهازك المناعي كيفما اتفق؟

دنيس فوستمان: نعم، فهذا النوع يسيجعلك مثل مرضى الأيدز (نقص المناعة المكتسبة). فمن السهل أن تصاب بالسرطان أو الأمراض المعدية إذا كان جهازك المناعي خاملا. إن المثبطات المناعية أدوية قاسية؛ فهي خيار ممتاز إذا احتجت زراعة قلب، لكنها أدوية قاسية إن لم تحتج قلبا أو عضوا آخر.

المحاور: إذن ماذا نستطيع فعله؟

دنيس فوستمان: حسنا، لقد عملنا على محاولة تحديد خلايا T السيئة. والمدهش جدا أننا لم نجدها وحسب، وإنما وجدنا أيضا أنها ذات مظهر مختلف على مستوى البروتين. والعامة الذين تنقصهم الخلفية العلمية لعلهم يتساءلون الآن: وما معنى ذلك؟ ولعل ايضاح هذا يتجلى من خلال مفهوم المضادات الحيوية. الكل يعرف المضادات الحيوية ويتناولها، وهي أدوية عظيمة

فأنت حين تتناول المضاد الحيوي فإنه لا يقتلك، بل ينظف الالتهاب في الجيوب الأنفية، وفي أذنك، ويعالج الورم في ذراعك. والسبب في أن المضاد فعال وغير قاتل يعود إلى أنه يميز بروتينات مختلفة ويتدخل في تلك المصاحبة للبكتيريا. إذن من خلال عملية الاكتشاف العلمي فإن من المهم فهم اختلافات البروتين، وتحديد الاختلاف الذي يميز الخلايا الحميدة من الخبيثة أو الخلايا السرطانية من غيرها أو تمييز الخلايا البكتيرية عن خلاياك.

إذا كان باستطاعتك تحديد الاختلاف في البروتينات، فعندها تستطيع التفكير في المعالجة الموجهة. على العموم فإن عملية تحديد الاختلاف هذه استغرقت 18 عاما. فالأمر ليس كما لو لأسبوع من الزمن قلنا "حسنا، سنبحث عن الاختلافات البروتينية" ثم في الاسبوع الثاني وجدناها. ولهذا فعلى مدى 18 عاما بدأنا بتمييز الاختلافات البروتينية التي تعزل خلايا T السيئة عن تلك الحميدة، والمفرح في هذا الكشف أن الاختلافات كانت بارزة على مسارب موت الخلايا (cell death pathways). وإذا استطعت أن تجد الاختلاف في هذه المنطقة فإنك تستطيع أن تقتل الخلايا السيئة!

ونقف عند أهمية مسارب موت الخلايا (منتصف صفحة 7)

منقول ؛ الجزء الأول من المقابلة [ مع دينيس فوستمان ترجمة Happy

ترجمة Happy

المحتوى الأصلي اللذي تم ترجمته وتلخيصه في الروابط التالية :
http://www.diabetesdaily.com/edelman/2008/09/01/diabetes-cure-trial.pdf
http://www.diabetesselfmanagement.com/blog/Flashpoints/A_Faustman_Bargain_Part_2

(1)


المحاور: أظن أن ههنا أول أسئلتي

دنيس فوستمان: طيب

المحاور: ما المشكلة في جهاز المناعة عند من هم مصابون بالسكر؟ ما الذي يجري؟ أريد أن اصل إلى بحثك، لكنني أود أن أفهم السياق أولا.

دنيس فوستمان: النوع الأول من السكر مختلف عن النوع الثاني. النوع الأول هو مرض من أمراض الجهاز المناعي أما النوع الثاني فمن أمراض المخ والعضلات. كلاهما يسمى سكر. وكلاهما يسببان التبول المتكرر، رغم أن سبب تبولك المتكرر في الامرين يختلف جدا. وفي حالة النوع الأول من السكر، فإن خلايا جهازك المناعي تعتبر خلاياك المفرزة للأنسولين خلايا سيئة أو مغايرة أو معادية، فهي لهذا تقتل حقيقة خلاياك التي تصنع الأنسولين. والنتيجة أنك لا تصنع انسولين وسكر دمك يرتفع مسببا داء السكر.

المحاور: طيب، أخبريني قليلا عن كيف توصلتي من البحث في داء السكر إلى عقار التطعيم BCG؟

(طبعا هذا العقار هو اختصار لمسمى العقار الذي يتم التطعيم به ضد داء السل، وهو موجود منذ مائة عام تقريبا وأنا وأنتم كلنا استخدمناه في التطعيم ضد السل).


دنيس فوستمان: حسنا، تلك قصة طويلة (ضحك: سبب الضحك طبعا أنها وفريقها أمضوا 18 عاما من البحث وهو يريدها أن تخبره عن تلك الفترة)

المحاور: طيب أعطينا مختصرها الذي يستغرق خمسة دقائق

دنيس فوستمان: بدأت التفكير في داء السكر أن من السهل جدا والمباشر أن نستبدل فقط الجزء التالف من الجسم. مثلا: إذا تلف جزء من الرئة فإنك تحصل على زراعة رئة. ولذلك، إذا كنت تعاني من السكر وتلف جزء من البنكرياس، فاستبدل فقط البنكرياس، أليس كذلك؟ ولذلك استقطبتني جامعة هارفارد لتجهيز أول برنامج لزراعة ألـ Islet (التي تفرز الانسولين) خارج مدينة سينت لويس، لأنني كنت من أوائل من طور هذه التقنية في جامعة واشنطن (تقنية الزراعة). فاستقطبتني جامعة هارفارد وبعد فترة وجيزة بدأت العمل مع الدكتور ديفد ناثان في العيادة (ناثان طبيب مشهور في علاج السكر). وبدأنا بزراعة خلايا الـ Islet، زراعة الخلايا التي تصنع الأنسولين في البنكرياس. فقد افترضنا أنك إذا حقنت هذه الخلايا بعد استخلاصها من عضو متبرع، فإنك تستطيع معالجة السكر.

وبعد ثلاث سنوات أدركنا أن العملية فاشلة، ولذلك خطر لنا ما يلي: "دعنا نفكر قليلا في هذا المبدأ" (أي مبدأ الزراعة) واتضح لنا أن ثمة هوة سحيقة (نقص هائل) في الأدبيات العلمية (أي في المعلومات المتعلقة بهذا الأمر). وهذا النقص هو أن الكل كان يقول "هها، لقد شفيت فيراني، وكلابي قد شفيت، وشفيت حيواناتي" لكن هذه التجارب لم تنجح مع الفار المصاب بالسكر النوع الأول.

وفجأة ظهرت لنا الفوارق الهائلة بين من نعالجه في العيادة وبين الكيفية التي نستخدمها في التجريب على نماذج المختبر. ولهذا على العكس من بقية العالم أوقفنا البرنامج لأننا قررنا أنه: "إذا مختبري لا يستطيع التعامل مع فار مصاب بالسكر وفي مرحلة نهائية، ثم يضخ فيه الـ Islets ويشفيه، فلماذا علينا أن نجرب هذا على الإنسان المصاب بالنوع الأول من السكر؟" لذلك أوقفنا البرنامج، رغم أن هذا القرار لم يستحسن.

فقد بدا أن النوع الأول من السكر يستوجب أن يكون داءا مرتبطا بالزراعة، لكن لو تفحصنا تطور العلم والتجارب السريرية على مدى الخمسة عشر عاما، لوجدنا أن معظم الأمراض التي اعتقدنا شفاءها بالزراعة لم تنجح. وسأعطيك مثالا لأنني اعتقد أنه اساسي وعلى مرضى السكر أن يتخذوه وصية: أنظر إلى مرض القلب. لديك مشلكة اثيراسكيلوروسيس (داء يصيب القلب) التي ستفضي إلى ذبحة قلبية، ولتجنبها أنت تزرع قلبا جديدا، فماذا تعتقد؟ ستدوم فقط لمدة خمسة أعوام لان لديك المشكلة متكررة. فأنت لم تعالج المشكلة الخفية التي سببت الذبحة في البداية، ولهذا فالزراعة لا تعمل كما ينبغي وكما يعتقد. وأنظر إلى كل تلك الزراعات العصبية التي بدت في البداية أنها ستكون الحل المناسب لمرض الباركنسون. فأول الزراعات في هذا المجال حصلت في كاليفورنيا على أناس اصابهم الباركسون بسبب بعض الأدوية، لكنهم عندما جربوها على من أصابهم المرض طبيعيا فماذا حصل؟ لا شيء من الزراعات نجح على الاطلاق لمدة طويلة لأن معاودة المرض وتكراره يصيب الخلايا المزروعة نفسها! وفي الواقع أن بعضا من هذه المعلومات سجلت حديثا في مجلات علمية محكمة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ... 

وفي داء السكر فإن الأمر نفسه يتكرر. فليست زراعة خلايا في انسان ذات أهمية إذا لم تلتفت إلى وضع السبب الأصلي، لأن المرض سيعاود الظهور. وبدأنا تدريجيا ندرك من علوم الأحياء أنك إذا لم تصحح العيب الأساسي فلا أمل لك في نجاح تلك الخلايا المزروعة. 

وهذا هو سبب اعتقادي بأن هناك تفائل مفرط حيال مفهوم أن كل داء سيكون له علاج من خلال زراعة الخلايا. فالمعلومات ببساطة غير متوفرة. وهذا هو الاختصار الذي طلبته (جواب أبو عشرة دقائق) (ضحك).

المحاور: حسنا، نحن إذن لدينا بنكرياسنا، ولدينا خلايا الـ Islet التي يتم قتلها، أهذا ما هو حاصل؟

دنيس فوستمان: نعم

المحاور: وما الذي يقتلها؟

دنيس فوستمان: في المناعة نحن نتحدث عن خلايا الـ T، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء. تذكر أنه عندما تؤخذ منك عينة من الدم، فهي حمراء لأن هناك الكثير من خلايا الدم الحمراء. لكن مقابل كل مليون خلية دم حمراء هناك خلية واحدة بيضا، وخلايا الدم البيضاء لها عدة أنواع. أحد هذه الانواع هي المرتبطة بالسكر هي خلية الـT، وتحديدا أكثر فهذه الخلية المرتبطة بالسكر هي المسماة (CD8 T).
 لكن عموما الناس تتحدث عن خلايا T، السيئة التي تقتل البنكرياس.


المحاور: هل هي CD8؟ أهي تلك بالتحديد؟

دنيس فوستمان: خلايا CD8 هي التي تلتصق بخلية الـ Islet وتقتلها. أما CD4 (وهي نوع فرعي) فلعلها تساهم في البداية من عملية المرض، لكنها ليست قاتلة. فهي شبه متآمرة من الغرفة الخلفية.

المحاور: أهذا ما ترينه في المسبار الاختباري؟ إذا أخذتي خلية Islet وخلية T هل...

دنيس فوستمان: ليس في مسبار الاختبار، وإنما تحت المجهر

المحاور: وتحت المجهر بإمكانك أن تري حقيقة العملية وهي تتفاعل؟

دنيس فوستمان: نعم. لا يمكنك أن ترى الأمر في صورة أو في جزء من البنكرياس، إنما تحت المجهر، بالتأكيد نعم تراها حقيقة. فتستطيع أن ترى خلايا T السيئة تجلس مباشرة فوق وضمن خلايا الـ Islet.

المحاور: هل لي بسؤال له علاقة نوعا ما؟

دنيس فوستمان: نعم

المحاور: ابان الأيام الأولى من اصابتي بالسكر، كان هناك تخمينات حول ما الذي اقتدح المرض

دنيس فوستمان: نعم

المحاور: كثير من الناس كانوا يشيرون إلى نوع من الفيروسات (coxsackie virus)

دنيس فوستمان: ياه، نعم.

المحاور: كما تعلمين، ثمة قادح ما لهذا المرض، أعني ربما يكون هذا خارج الموضوع لكن هل اكتشفوا السبب بعد؟

دنيس فوستمان: حسنا، أنت تصنع خلايا T على مدى حياتك كلها. فالأمر ليس كما لو أنك تصنع خلاياك الـ T يوم ولادتك، ومن ثم تصبح مخزونا لديك تعيش عليها بقية عمرك. إنما أنت تضخ ملايين خلايا الـ T وهي ماركة مصنعية غير كافية لأنها تعتمد على التطور. ولأن جهازك المناعي لا يعلم ما ستقابله خلال حياتك، فإنك تصنع كمية كبيرة متغايرة من خلايا T. لكن إذا صنعت كمية كبيرة من التغاير العشوائي، فإنك أيضا تكون قد خلقت مشكلة إن لم تقتل المتغاير الخاطئ . ولذلك نعتقد أنه ما يسمى بالانتخاب أو الاختيار السلبي، بمعنى أن كل ما صنعته من خلايا سيئة لم يتم القضاء عليها، بل إن بعض هذه السيئة وصلت إلى "مخ العظم" وإلى الغدة الصعترية (Thymus) فتنتقل إلى الدورة الطرفية (بقية أجزاء الجسم).

المحاور: ولهذا سواء أكان الفيروس أو شيء آخر فإنه يساعد على اقتداح المرض

دنيس فوستمان: نعم. الآن كثير من الناس يعشقون نظريات الفيروس، وأنا لا استبعدها كليا، لكن كثيرا منها تتوجه توجه خاطئ. لو سألت الناس، "متى أصابك السكر؟" فعادة ما تكون أقوالهم "عانيت من زكام حاد وخلال يوم أو يومين كثر لدي التبول واصبحت متبلد ونقص وزني وإن ذالك الفيروس سبب السكر لدي!"

حسنا نحن نعلم أن هذه ليست هي الحال. فلربما أن لمثل هذا القول نوعا من الشرعية إذ لعل الفيروس بمصاحبة التعديلات الجينية المناسبة قد حول الجينات بطريقة أو بأخرى. لكنه حتما ليس مثل القول بأنه اصابني فيروس وأصبت بالسكر. فينبغي أن تحصل تحولات متعددة أثناء هذه الاصابة. لكن الحال كما قلت، فتسمع والدا يقول طفلي اصابه فيروس ثم سبب له السكر.

RENAL PROFILE / وضع الكلى عندي 2014م

إلهي واسع الكرم

https://on.soundcloud.com/Pydhz